حكم صبغ الشعر باللون الأسود

ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن صبغ الشعر باللون الأسود، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (أُتِيَ بأَبِي قُحَافَةَ، أَوْ جَاءَ عَامَ الفَتْحِ، أَوْ يَومَ الفَتْحِ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ مِثْلُ الثَّغَامِ، أَوِ الثَّغَامَةِ، فأمَرَ، أَوْ فَأُمِرَ به، إلى نِسَائِهِ، قالَ: غَيِّرُوا هذا بشيءٍ)،[١] وفي روايةٍ أخرى: (اذهَبوا بِهِ إلى بعضِ نسائِهِ، فلتغيِّرهُ، وجنِّبوهُ السَّوادَ)،[٢] والثغامة هي: نباتٌ أبيض الزَّهر والثمر، فشبّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بياض الشَّيب بنبتة الثغام، وهذا الحديث يدل على استحباب تغيير الشيب بلون غير السواد كالحناء، وإنّ الشَّعر إذا تغيّر لونه لمرضٍ ما جاز صبغه ولو بالسَّواد،[٣] وورد أيضاً عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (سيَكونُ قومٌ يخضِبونَ في آخرِ الزَّمانِ بالسَّوادِ كحواصلِ الحمامِ لا يريحونَ رائحةَ الجنَّةِ).[٤][٥]


وتكمُن العلّة من النهي عن صبغ الشعر بالسواد؛ لِما فيه من تدليسٍ وخداعٍ وإظهار الإنسان بغير الأصل الذي خُلق عليه، خاصةً في حالات الخطبة والزواج، فالإنسان قد يُعرف ويُقدّر عُمره من لون شعره من سوادٍ أو بياضٍ أو اختلاط بينهما، وصبغ الشعر باللون الأسود يدلّ على صغر عُمره عن عُمره الحقيقي، فتغيير لون الشَّعر لا يُعطي العمر الصحيح للشخص فقد يكون كبيراً ولكن عند صبغ شعره بالسواد يظهر عمره أصغر من الحقيقة بفارقٍ كبيرٍ،[٦] وتجدر الإشارة إلى أنّ الشيوخ والشباب سواءٌ في الحكم فلا تمييز لأحدهما على الآخر، وقد أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء عن ذلك الأمر بقولها: "تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه، وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعّد، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء، إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرةً مباحةً، أمّا التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: غيّروا هذا الشيب، واجتنبوا السواد"، ومن الأمور التي تجدر الإشارة إليها أنّه لم يرد اللعن لمَن غيّر شعره إلى اللون الأسود، فالوارد فقط النهي عن ذلك دون لعنٍ.[٧]


ما حكم صبغ الشعر بغير اللون الأسود؟

 يجوز صبغ الشعر بلون أحمر أو بلون أصفر أو غيرها، فلا بأس أو حرج في ذلك؛ لأنّ ما سكت عنه الشرع فهو جائزٌ حتى يقوم دليل التحريم، إلّا أنّه يشترط عند صبغ الشَّعر بتلك الألوان ألّا يكون فيها تشبّهٌ بغير المسلمين، استدلالاً بما ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (من تشبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم)،[٨] مع الإشارة إلى ضرورة التأكّد من أنّ تلك الصبغة لا تُلحق أي أذى أو ضررٍ بفروة الرأس أو الشَّعر، فيحرّم استعمالها إن كانت تسبّب ضرراً ما.[٩]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2102، صحيح.
  2. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2937، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1465. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4212، صحيح.
  5. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 7705. بتصرّف.
  6. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 7728. بتصرّف.
  7. محمد صالح المنجد (1/11/2007)، "لا يجوز صبغ الشعر بالسواد ولو كان تزينا للزوج"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/1/2022. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4031، حسن صحيح.
  9. ابن عثيمين، فتاوى نور على الدرب للعثيمين، صفحة 22-2. بتصرّف.