ما حكم صبغ الشعر باللون الأسود للنساء؟

تعددت آراء فقهاء المذاهب الأربعة في حكم صبغ الشعر باللون الأسود للمرأة، بين التحريم والكراهة، فالنهي عن الصبغ بالسواد عام للرجال والنساء، وفيما يلي عرض أقوالهم مع الأدلة:[١][٢]


القول الأول: الجواز مع الكراهة

وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، واستدلوا على ذلك بما يلي:

  • الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه: (أُتِيَ بأَبِي قُحَافَةَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ)،[٣] فقالوا أن الفعل الأمر يدل على الوجوب، إلا أن فعل الأمر في الحديث وهو (غيّروا) لا يدل على الوجوب، فهو منتفٍ هنا؛ حيث إنه لم يقل أحد من العلماء بوجوب تغيير الشيب، بل اختلفوا في أفضلية تغيير الشيب والخضاب وعدمه، فهذا لا يدل على أن الصبغ بالسواد حرام، فالنهي هنا صارف عن التحريم إلى الكراهة.
  • فعل بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- وأفعالهم على أن النهي ليس للتحريم، فقد كان جمع من الصحابة والتابعين يخضبون بالسواد، ولو كان حراماً لأنكر بعض الصحابة على بعض، ولم يثبت ذلك، ومن الصحابة الذين ورد عنهم أنهم كانوا يخضبون بالسواد؛ الحسن والحسين، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، ومن التابعين؛ عمرو بن عثمان، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، والزهري، والشعبي، وغيرهم.


القول الثاني: التحريم

وهو قول الشافعية، وقد استدلوا على ذلك بما يلي:

  • الحديث الذي ذُكر سابقا؛ حيث إن الحديث دلّ على النهي عن صبغ الشعر بالسواد، والنهي يدل على التحريم، إلا إذا صرفه صارف شرعي من التحريم إلى الكراهة.
  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَكونُ قومٌ يخضِبونَ في آخرِ الزَّمانِ بالسَّوادِ كحواصلِ الحمامِ لا يريحونَ رائحةَ الجنَّةِ)،[٤] ففي الحديث إخبار من النبي -صلى الله عليه وسلم-عن قوم في آخر الزمان يغيرون لون شعرهم ولحاهم إلى السواد، أنهم لا يريحون رائحة الجنة، فهذا دليل على التحريم.


الاتفاق على تحريم الصبغ بالسواد للمرأة في حالة واحدة

اتفق جمهور الفقهاء على أنه يحرم للمرأة أن تصبغ باللون الأسود في حالة واحدة، وهي لغرض التلبيس والتدليس والخداع، كما تفعله المرأة في الزواج والخطبة، لتبيّن للرجل وتوهمه أنها ما زالت شابة، فهذه غشّ وخيانة لا يجوز،[٥] لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي).[٦]


صبغ المرأة باللون الأسود للزينة بإذن زوجها

رخّص بعض أهل العلم للمرأة الصبغ باللون الأسود إن كان بقصد التزيّن لزوجها بإذنها، حيث قالوا بإباحة ذلك لها، ومنهم إسحاق بن راهويه، فقالوا إنما تنهى عن ذلك إذا كان يترتب عليه تدليس أو غش، وهو ما لا ينطبق على صبغ المرأة شعرها بالسواد لزوجها، إلا أن الأولى والأحوط اجتناب ذلك؛ لعموم النهي عن الصبغ بالسواد للرجال والنساء.[٧]


المراجع

  1. ناصح عثمان أمين، الجالب للسواد في حكم الخضاب بالسواد دراسة فقهية مقارنة، صفحة 77-83. بتصرّف.
  2. "حكم صبغ المرأة بالسواد بعلم زوجها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/7/2022. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2102 ، صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4212، صحيح.
  5. ناصح عثمان أمين، الجالب للسواد في حكم الخضاب بالسواد دراسة فقهية مقارنة، صفحة 77. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:102، صحيح.
  7. "حكم الصبغ بالأسود للزينة وليس لتغيير الشيب"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/7/2022. بتصرّف.