شرع الله -سبحانه وتعالى- للمسلمين أداء صلاة الجنازة على موتاهم؛ تعبُّدًا لله -تعالى-، وطلبًا للمغفرة والرحمة للميت، ومواساةً لأهله ومساندةً لهم، وتذكيرًا وموعظةً للمسلمين الأحياء بمصيرهم الحتميّ،[١] ولصلاة الجنازة أحكامٌ وكيفيَّةٌ بيّنها الفقهاء، وفيما يأتي بيانٌ لحكمها، وتوضيحٌ لبعض المسائل والأحكام المتعلّقة بها.


حكم صلاة الجنازة

حكم أداء الجنازة

اتّفق الفقهاء على أنّ صلاة الجنازة فرض كفايةٍ أو فرضٌ على الكفاية؛ أي أنّه إذا قام بها وأداها عددٌ من المسلمين، سقط الإثم عن الباقين، ويفوز بثوابها من أداها فقط، وإن لم يقم بها أو يؤدّها أحدٌ منهم، أثموا جميعًا، ويُشترط باتّفاق أن يكون الميّت الذي سُيصلّى عليه مسلمًا، تمّ تغسيله وتكفينه، وذلك باتّفاق فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم من العلماء، وقد ثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وصحابته -رضي الله عنهم- أنّهم أدّوا صلاة الجنازة.[٢]


حكم الجماعة لأداء صلاة الجنازة

تعدّدت أقوال الفقهاء فيما إذا كانت الجماعةٌ شرطًا لأداء صلاة الجنازة، أمّ أنّها لا يُشترط لها الجماعة، ويمكن للمسلم أن يؤدّها فردًا، وفيما يأتي تفصيل أقوالهم:[٣]

  • قول الجمهور: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ الجماعة في صلاة الجنازة سنَّةٌ، وليست شرطًا من شروط أدائها؛ لعدم ورود نصٍّ يقول باشتراط الجماعة لصحة صلاة الجنازة.
  • قول المالكيّة: ذهب المالكيّة إلى القول بأنّ الجماعة شرطٌ لصحّة صلاة الجنازة كصلاة الجمعة التي لا تُقام بلا جماعةٍ.


حكم الصلاة على الميت الغائب

تعدّدت أقوال العلماء في أداء صلاة الجنازة أو ما يُسمّى بصلاة الغائب على الميّت الغائب في أرضٍ أُخرى، ولا يتواجد جثمانه حاضرًا أمام المصلّين، وآتيًا تفصيل وبيان هذه الأقوال:[٤]

  • القول الأول: ذهب الشافعية والحنابلة في القول المعتمد عندهم إلى القول بأنّ صلاة الغائب جائزةٌ، وأنّ للمسلمين أن يصلوا على ميِّتٍ غائبٍ؛ فيتوجّهون إلى القبلة ويصلّون عليه، وهو ما قال به ابن حزم، واختاره ابن حبيب من المالكية، وما عليه كثيرٌ من السلف.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى القول بعدم مشروعيّة صلاة الغائب، وتردّ قول المالكيّة بين كراهتها وحرمتها.
  • القول الثالث: مشروعيّة صلاة الغائب على الميت الذي توفّي في بلدٍ، ولم يصلِ عليه أحدٌ، أمّا إن صلى عليه أحدٌ؛ فلا تُشرع صلاة الغائب عليه، وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما، واختاره من المعاصرين الألباني وابن عثيمين -رحمهما الله-.
  • القول الرابع: مشروعيّة صلاة الغائب على الميت الغائب في اليوم الذي تُوفّي فيه أو بعد وفاته بمدّةٍ يسيرةٍ، ولا تشرع الصلاة عليه إذا طالت المّدة، وهذا القول نقله ابن عبد البر عن بعض أهل العلم.
  • القول الخامس: ذهب ابن حبّان إلى القول بمشروعيَّة صلاة الغائب على الميت الذي تُوفّي في بلدٍ في جهة القبلة فقط، إن لم يكن البلد الذي تُوفّي فيه الميّت جهة القبلة؛ فلا تُشرع صلاة الغائب عليه، وهو قولٌ انفرد به ابن حبّان، ولم يقل به غيره من العلماء.



مواضيع أُخرى:

ما حكم تغسيل الميت؟

ما حكم رشّ الماء على القبر؟

المراجع

  1. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 752-753. بتصرّف.
  2. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 470-474. بتصرّف.
  3. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 479. بتصرّف.
  4. حسام الدين عفانة، صلاة الغائب، صفحة 32-33. بتصرّف.