حكم إفراد يوم الجمعة بصوم التطوع
ذهب جمهور أهل العلم إلى كراهية إفراد يوم الجمعة بالصوم إن كان صومه تطوعاً ونافلةً،[١]وهو قول الشافعية والحنابلة وبعض الحنفية والمالكية؛ مستدلين بذلك على عدة أحاديث صحيحة صريحة ثبتت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنهي صوم يوم الجمعة منفرداً، وآتياً ذكر بعضٍ منها:[٢][٣]
- ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، إلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ).[٤]
- ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ).[٥]
- ما جاء عن أم المؤمنين جويرية -رضي الله عنها- أنها قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَومَ الجُمُعَةِ وهي صَائِمَةٌ، فَقالَ: أصُمْتِ أمْسِ؟، قالَتْ: لَا، قالَ: تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَدًا؟ قالَتْ: لَا، قالَ: فأفْطِرِي).[٦]
حكم صوم يوم الجمعة مع صوم يوم قبله أو بعده
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم تزول وتنتفي إن ضُمّ إلى صيام يوم الجمعة صيام يوم قبله، أو صيام يوم بعده، فيجوز صيام يوم الجمعة إن صام المسلم مع يوم الجمعة يوم الخميس، أو صام معه يوم السبت، أو صام كلا اليومين، للأحاديث المذكورة سابقاً، فالتصريح في سؤال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأم المؤمنين جويرية عندما دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، وأمرها لها أن تفطر لعدم صيامها يوماً قبله، ولا نية لها في صيام اليوم الذي بعده، دليلٌ على جواز صيام يوم الجمعة إن سُبِق بصيام يوم، أو تُلي بصيام يوم.[٧]
أحوال جواز إفراد يوم الجمعة بالصوم
استثنى أهل العلم من كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم وتخصيصه بذلك دون غيره من الأيام في عدة حالات، وهي كالآتي:
أن يكون صيام فرض
يجوز للمسلم أن يفرد يوم الجمعة بالصيام إن كان صيامه بنية فرضٍ لا تطوع، كأن يصومه لقضاء يوم أفطره من رمضان، أو يصومه كفارةٍ أو نذرٍ، ونحو ذلك من أنواع الصيام الواجب، إذ إن نية صيامه ليوم الجمعة انصرفت للقضاء أو الصيام الواجب، وليس ليوم الجمعة وتخصيصه بالصيام.[٨]
أن يصادف صيام أيام مشروعة
يجوز للمسلم أن يفرد يوم الجمعة بالصيام إن وافق يوم يُشرع ويُندب صيامه؛ كأن يكون يوم الجمعة موافقاً ليوم عاشوراء، أو يوم عرفة، أو أيام ذي الحجة، أو أيام الست من شوال، فصيامه ليس لأنه يوم الجمعة، وإنما لأنه يوم عاشوراء، أو يوم عرفة، ونحو ذلك.[٩]
أن يوافق صيام عادة
يجوز للمسلم أن يفرد يوم الجمعة بالصيام إن صادف صيام يوم عادة له؛ كأن يكون يصوم يوماً ويفطر يوماً، ووافق يوم الجمعة يوم صيامه، حيث جاء في حديث أبي هريرة الذي ذكر سابقاً قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ)، وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: "وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ، مِثْلُ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَيُوَافِقُ صَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ عَادَتُهُ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، أَوْ آخِرِهِ، أَوْ يَوْمِ نِصْفِهِ".[١٠]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ حسام الدين عفانة، يسألونك عن رمضان، صفحة 160. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 25-26. بتصرّف.
- ↑ "المبحث الثالث: إفرادُ يومِ الجُمُعةِ بالصَّومِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 6/12/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1985، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1144 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جويرية أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1986، حديث صحيح.
- ↑ عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داوود للعباد، صفحة 35. بتصرّف.
- ↑ حمد الحمد، فقه الصيام والحج من دليل الطالب، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 114-115. بتصرّف.
- ↑ ابن قدامة، المغني، صفحة 170. بتصرّف.