حكم ميش الشعر
ميش الشعر بحدّ ذاته جائزٌ، وقد قال ابن باز -رحمه الله-: "لا نعلم مانعًا من ذلك إذا كان لا يصبغ سوادًا"،[١] وسيأتي التفصيل في حكم الصبغ بالسواد لاحقاً، ولكن ينبغي أن لا يكون في الميش ضررٌ على المرأة بسبب المواد المستخدمة؛ كأن يؤدي إلى تساقط الشعر ونحوه، وإلا فالأولى اجتنابه في هذه الحالة، ولا يجوز أن يكون القصد منه التشبّه بمن عُرف بالضّلالة، كما لا يجوز إظهاره لغير المحارم، فإن خلا ميش الشعر من هذه المحاذير جاز استعماله.[٢]
وللفائدة فميش الشعر هو عملية يتمّ فيها سحب لون الشعر بالكُليّة، أو سحب جزئي للونه من أجل تلوينه بالصبغة، أو لتفتيح لون الشعر الأصلي إلى درجةٍ أقلّ، أو لإخفاء الشعر الأبيض وإضفاء البريق على الشعر عن طريق استخدام بعض المواد الكيميائية، وينبغي أن تكون هذه المواد آمنة وغير مضرّة حتى يُباح استعماله.[٢]
حكم صبغ الشعر بالأسود
اتفق الفقهاء على أنّ صبغ الشعر باللون الأسود من أجل التدليس والخِداع محرّم، ويدخل في ذلك الرجال والنساء، كمن يفعل ذلك من أجل الزواج حتى يوهم الطرف الآخر أنّه لا يزال شاباً، ويقول المباركفوري عن الصبغ بالسواد: "الخضب به لغرض التلبيس والخداع حرامٌ بالاتّفاق".[٣]
أمّا بالنسبة إلى صبغ الشعر بالسواد للمرأة المتزوّجة بقصد التزيّن لزوجها فقد أجازه بعض أهل العلم، ومنعوه لغير المتزوّجة، إذْ قال بعض أهل العلم: "إنها إنما تنهى عن ذلك إذا كان يترتب عليه تدليس أو غش، وهو ما لا ينطبق على صبغ المرأة شعرها بالسواد لزوجها"، وقال بعض أهل العلم إنّ الأوْلى اجتنابه.[٤]
أما صبغ الشعر باللون الأسود للرجال فقد أجازه الفقهاء في حالة الحرب بالاتّفاق؛ لإرهاب العدوّ، ولحثّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ذلك في الحروب، أمّا صبغ شعر الرجل بالسواد في غير هذه الحالة فقد تعدّدت فيه آراء الفقهاء، ونوضّح أقوالهم فيما يأتي:[٥]
- جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والحنابلة): قالوا بكراهة صبغ الرجل لشعره بالسواد.
- الشافعية: قالوا بتحريم صبغ الشعر بالسواد للرجل، لما ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنه قال: (أُتِيَ بأَبِي قُحَافَةَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ).[٦][٧]
حكم صبغ الشعر بغير السّواد
الأصل في صبغ الشعر بغير اللون الأسود الإباحة، حتى أنّ الفقهاء قالوا باستحباب صبغ الشيب بالصّفرة أو الحمرة والحنّاء، وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة، ووجهٌ عند المالكية، وممّا يدلّ على مشروعية ذلك:[٨]
- قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشرَ الأنصارِ، حمِّروا وصفِّروا، وخالِفوا أَهْلَ الكتابِ).[٩]
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أحسنَ ما غُيِّر به هذا الشَّيبُ؛ الحِنَّاءُ والكتْمُ).[١٠]
ومشروعية الصبغ بغير السواد غير مقتصرة على الحناء والكتم ونحوه، بل يدخل في ذلك أيضاً غيرها من الأصباغ في أصل الحسن، ويشاركه في أصل الاستحباب الخضاب بالورس والزعفران، فقد خضب بهما بعض الصحابة الكِرام.[١١]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ "حكم صبغ المرأة شعرها بالميش"، الموقع الرسمي للشيخ ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022.
- ^ أ ب "ما حكم صبغ الشعر بالميش؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.
- ↑ ناصح عثمان أمين، الجالب للسواد في حكم الخضاب بالسواد، صفحة 77. بتصرّف.
- ↑ "حكم الصبغ بالأسود للزينة وليس لتغيير الشيب"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 280، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2102، صحيح.
- ↑ لجنة الإفتاء، "حكم الخضاب بالسواد وبيع الصبغة السوداء"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.
- ↑ "الخِضابُ بغَيرِ السَّوادِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد، في المسند، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:22337، حسن الألباني إسناده.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:4205، صححه الألباني.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 279، جزء 2. بتصرّف.