أباح الله -سبحانه وتعالى- للإنسان ذكرًا كان أو أنثى التزيّن وتجميل مظهره، بل حثّ على أخذ الزينة وتحسين الشكل واللباس والهندام وفق شروطٍ وضوابط حدّدتها النصوص الشرعيّة، ومن بين الزينة التي قد تستعملها النساء والرجال في بعض الأحيان: الحناء، وفيما يلي بيانٌ لحكم وضعها وأحكامٍ أخرى ذات صلةٍ بها.


حكم وضع الحناء

الحناء نباتٌ يشبه الرمان بأغصانه وأوراقه، ويُتخذ من ورقة خضابًا أحمر يُعرف بالحنّاء،[١] ويجوز للمرأة استعمال الحنّاء؛ لأنّها من الزينة المباحة في حقّها؛ فجاز لها وضعها على رأسها أو على يديها ورجليها؛ لقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "أومت امرأةٌ من وراءِ سترٍ بيدِها كتابٌ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقبضَ النَّبيُّ يدَهُ فقالَ ما أدري أيدُ رجلٍ أم يدُ امرأةٍ قالت بلِ امرأةٌ قالَ لو كنتِ امرأةً لغيَّرتِ أظفارَكِ يعني بالحنَّاءِ"،[٢] والحديث فيه دلالةٌ على جواز استعمال الحناء للنساء، وأمّا حكمها بالنسبة للرجل؛ فإنّه يحرم عليه وضعها على يديه ورجليه؛ لأنّها زينة النساء، ووضعه إيّاها يُعتبر تشبّهًا بهنّ، وقد لعن الله الرجال المتشبّهين بالنساء؛ لما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَال"،[٣] ورخّص الشّرع للرّجل وضع الحنّاء على رأسه ولحيته، وعدّ النّبي -عليه الصلاة والسلام- خضاب الرأس سنّةً على العموم قال عليه السلام: "إن أحسنَ ما غُيِّرَ به الشَّيْبُ الحِنَّاءُ والكَتَمُ"؛[٤] والكتم نباتٌ يُصبغ به يعطي لونًا أصفر.[٥][٦]


حكم صبغ الشعر بالأصباغ الحديثة

إنّ الأصل في استعمال الأصباغ أنّها مباحةٌ؛ لعدم ورود دليلٍ يُحرّم استعمالها، إلّا السواد فإنّ من العلماء من قال بكراهة الصبغ به؛ لما رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "يَكونُ قومٌ يخضِبونَ في آخرِ الزَّمانِ بالسَّوادِ كحواصلِ الحمامِ لا يريحونَ رائحةَ الجنَّةِ"،[٧] كما يُمنع من الأصباغ في حقّ الرجال ما كان فيه تشبُّهٌ بالنساء؛ لنهي النّبي -عليه الصلاة السلام- عن ذلك واستحقاقه للّعن بفعله؛ للحديث سابق الذكر عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما؛ فلا يجوز للرجل التشبّه بالنساء في اللّباس ولا في الزينة ولا في غيرها ممّا هو خاصٌ بهنّ، أمّا تغيير لون الشيب بلون غير السّواد؛ فقد ورد استحباب ذلك، إلا أنّ جمهور العلماء قالوا بعدم جواز صبغ الرجل لشيب رأسه بالأسود؛ بدليل ما روي في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: "أُتِيَ بأَبِي قُحَافَةَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ"؛[٨] فأخذ كثيرٌ من العلماء من هذا الحديث استحباب صبغ الرجل لشيب رأسه، على ألّا يُصبغ بالسواد.[٩]

المراجع

  1. "معنى الحناء"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 20/11/2021.
  2. رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عائشة رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم:4/246.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5885 ، صحيح.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:1753، حسن صحيح.
  5. "شرح حديث إن أحسن ما غيرتم به الشيب"، الدرر السنية. بتصرّف.
  6. "حكم وضع الحناء"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 20/11/2021. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4212.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2102، صحيح.
  9. "حكم صبغ الشعر باللون الأحمر والأصفر"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 20/12/2021. بتصرّف.