التبرع بالأعضاء بعد الموت

تعدّ مسألة التبرع بالأعضاء من المسائل المستجدّة التي نشأت على إثر تطور المجالات العلميّة والطبيّة، وقد تحدّث فيها أهل العلم من المتأخرين على نحوٍ مفصّل؛ حيث ذهبوا إلى جواز التبرع بالأعضاء في حياة الإنسان وبعد وفاته؛ وذلك لما في التبرع من تحقيقٍ لمصالح عليا، ودرء لمفاسد كبرى، وتيسير على المسلمين ورفع الحرج عنهم، حيث نجد أنّ التبرع بالأعضاء من الأموات للأحياء فيه استبقاء لحياة الأحياء المرضى، وهذا مُقدمٌ على حفظ كرامة الأموات.[١]


على أن يقع ذلك بعد التّحقق من الشروط الآتية:[٢]

  • أن تستنفذ طرق العلاج الأخرى قبل الانتقال إلى مسألة التبرع ونقل الأعضاء.
  • أن يكون المتبرع كامل الأهليّة في حال تبرَّع بأعضائه وهو على قيد الحياة.
  • أن يأذن الميت لورثته في التبرع بأعضائه، أو أن يوصيهم بذلك، أو أن يأذن الورثة بهذا التبرع؛ فإنْ لم يكن للميت ورثة اشترط إذن ولي أمر المسلمين في مثل هذا الأمر.[٣]
  • أن تتوقف حياة هذا المريض على نقل عضو محدّد من إنسان آخر؛ سواء أكان حياً أو ميتاً.[٣]
  • أن يكون المُتبَرَّع له مسلماً، أو كتابيّاً أو كافراً مُسالماً غير معادٍ للإسلام.[٤]
  • أن يتم التحقق من نجاح عملية نقل الأعضاء، وأن يغلب الظنّ عند المختصين والأطباء بسلامة المتبرِّع -إنْ كان حيّاً- والمتبَرع له؛ إذ إن الضرر لا يُزال بضرر مثله.
  • أن يتمّ نقل الأعضاء على سبيل التبرّع دون أخذ عوضٍ ماديّ؛ فهذا لا يُعدّ تبرعاً، بل بيعاً للأعضاء؛ وهو مُحرم؛ لامتهانه كرامة الإنسان التي حفظها الله -تعالى- لجميع بني آدم.
  • أن لا يكون التبرع بأعضاء لها تأثير مباشر على الأنساب والموروثات؛ كالتبرع بالأعضاء التناسليّة.[٥]
  • أن يتم التبرع بطريقة تليق بكرامة الإنسان.
  • أن يجري العملية جهة مختصة ثقة، حددها بعض أهل العلم بأن لا تقلّ عن ثلاثة أطباء عدول، وليس لأحد منهم مصلحة في عملية نقل الأعضاء.[٦]


حكم إنشاء بنوك الأعضاء

يُقصد ببنوك الأعضاء إنشاء جمعيات ومؤسسات تعنى بالأعضاء المُتبرع بها من قبل الأموات؛ للاستفادة منها ونقلها للمرضى الأحياء؛ فقد أجاز بعض أهل العلم إنشاء مثل هذه البنوك قياساً على حكم التبرع بالأعضاء، على أن تلتزم بالضوابط الآتية:[٧]

  • أن تكون هذه البنوك تحت إشراف هيئة رسمية متخصّصة؛ موثوقة في دينها وعلمها وخبرتها.
  • أن تأخذ بعدد من الاحتياطات اللازمة لعملية نقل الأعضاء.
  • أن تحتوي على مجموعة من الأجهزة الفعالة؛ بحيث تكون هذه الأعضاء المُتبرع بها تحت المراقبة الطبيّة والأمنية؛ وذلك لضمان أن لا تُستخدم هذه الأعضاء لأغراض تجاريّة تتنافى مع كرامة الإنسان واحترامه.


حكم نقل الأعضاء من الأجنّة المجهضة

أباح أهل العلم الاستفادة من أعضاء الأجنّة المُجهضة نقلاً وزراعةً لسدّ حاجات بعض المرضى المحتاجين لذلك؛ على أن لا يكون هذا الإجهاض متعمّداً من أجل المتاجرة بهذه الأجنّة، ومن أجل استغلال حاجات الناس لهذه الأعضاء؛ إذ يجب الاستفادة من أنسجة وأعضاء أجنّة الأمهات اللواتي أجهضن لضعف أحمالهنّ، أو لوجود خلل في أرحامهنّ وأجنتهنّ.[٨]

المراجع

  1. "حكم التبرع بالأعضاء"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2023. بتصرّف.
  2. "شروط التبرع بالأعضاء البشرية"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2023. بتصرّف.
  3. ^ أ ب حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك، صفحة 198، جزء 11. بتصرّف.
  4. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 68، جزء 25. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 1617، جزء 6. بتصرّف.
  6. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 32، جزء 12. بتصرّف.
  7. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 175، جزء 12. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 1556، جزء 6. بتصرّف.