حكم إتيان الزوجة من الدبر

حرّمت الشريعة الإسلامية على الزوج إتيان زوجته في الدُّبر، وعلى هذا أكثر أهل العلم من الصحابة ومن تبعهم من المتقدمين؛[١] وقد ثبت في ذلك عدّة نصوص شرعيّة:[٢]

  • أنّ الله -تعالى- توّعد من يفعل ذلك بالّلعن والطّرد من رحمة الله -تعالى-؛ وذلك بنصّ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ملعونٌ مَن أتى امرأتَهُ في دُبُرِها).[٣]
  • أنّ الله -تعالى- أباح إتيان الزوجة من القُبُل كيفما شاء؛ حيث قال -سبحانه-: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ)،[٤] وقد ضبط النبي -صلى الله عليه وسلم- حدود ما نصّت عليه هذه الآية الكريمة بقوله: (واتَّقِ الدُّبرَ والحَيضةَ).[٥]
  • عدّ النبي -صلى الله عليه وسلم- إتيان المرأة في الدُّبر من كبائر الأعمال، ومن أنواع الشرك؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى حائضًا، أو امرأةً في دُبُرِها، أو كاهنًا فصدَّقه؛ فقد كفر بما أُنزِلَ على محمدٍ).[٦]
  • أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وضحّ مسألة هامة في إتيان الدُّبر، فإتيان الزوجة من الدُّبر في القُبُل جائز لا محظور فيه؛ بينما إتيانها من الدُّبر في ذات الدُّبر فمحرمٌ محظور، فقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأله عن إتيان الزوجة من الدُّبر، فقال له: (أمن دبرِها في قُبُلِهَا فنعم، أم من دبرِها في دبرِها فلا؛ فإنَّ اللهَ لا يستحيي من الحقِّ لا تأتوا النساءَ في أدبارِهنَّ).[٧]
  • أنّ الله -سبحانه- لا ينظر إلى من أتى امرأة في دُبرها، كما أنّ ذلك محرمٌ في حق الرجال والنساء؛ فقد صحّ في الحديث: (لا ينظر اللهُ إلى رجلٍ أتى رجلًا أو امرأةً في الدُّبر).[٨]
  • أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عدّ الإتيان في الدُّبر من اللواط؛ فقد صحّ في الحديث: (الَّذي يأتي امرأتَهُ في دُبرِها: هيَ اللُّوطيَّةُ الصُّغرى).[٩]
  • أنّ من جملة حقوق الزوجة على زوجها أن يأتيها من موضع القُبُل؛ فقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأله: (يا رسولَ اللَّهِ نساؤنا ما نأتي منْهنَّ وما نذرُ؟ قالَ: ائتِ حرثَكَ أنَّى شئتَ، وأطعِمْها إذا طعِمتَ، واكسُها إذا اكتسيتَ، ولا تقبِّحِ الوجْهَ ولا تضرِبْ).[١٠]
  • أنّ الله -تعالى- أمر باعتزال النساء في المحيض؛ لأنّ موضع القُبُل في ذلك الوقت مكان للدم والنجاسة، والأولى بذلك تحريم موضع الدبر من الإتيان لكونه مكان نجاسة دائمة؛ قال -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ).[١١][١٢]


أحكام متعلقة بالإتيان من الدبر

حكم الدخول بالمرأة من الدبر

أفتى جمعٌ من أهل العلم أنّ وطء الزوجة في دبرها -مع حرمة هذا الفعل وإثم فاعله- يعتبر دخولاً صحيحاً؛ وذلك من جانب تقرّر المهر ووجوب العدّة، ولكنّها لا تعتبر محصنة بهذا الدخول، ولا تحلّ لزوجها الأول إن كان قد طلّقها طلاقاً بائناً بينونة كُبرى، كما أنّها تعدّ بهذا الدخول بكراً لا ثيباً؛ لأنّ الثيب من زالت بكارتها بالإتيان الصحيح من القُبُل.[١٣]


حكم الزنا بالمرأة من الدبر

تعددت أقوال الفقهاء في حكم وقوع الزنا من الدُّبر في الدُّبر؛ حيث ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بوقوع الزنا في حال الإتيان في الدُّبر، ويستحق الواطئ بهذا الأمر عقوبة وحدّ الزنا؛ لأنّه وطء امرأة لا ملك له فيها ولا شبهة، أمّا الحنفية فقد رأوا أنّ الزنا في الدُّبر كاللواط، يستحق فاعلها عقوبة تعزيريّة لا حدّ الزنا.[١٤]

المراجع

  1. محمد بن علي بن حزام البعداني، فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام، صفحة 249، جزء 8. بتصرّف.
  2. ابن القيم، إعلام الموقعين عن رب العالمين، صفحة 448-452، جزء 6. بتصرّف.
  3. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2162، حسنه الألباني.
  4. سورة البقرة، آية:223
  5. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2980، حسنه الألباني.
  6. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3904، صححه الألباني.
  7. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن خزيمة بن ثابت، الصفحة أو الرقم:1924، صححه الألباني.
  8. رواه ابن أبي شيبة، في المصنف، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:17070، صححه الألباني.
  9. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6968، صححه العيني وقال المنذري رجاله رجال الصحيح.
  10. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن معاوية القشيري، الصفحة أو الرقم:2143، قال الألباني حسن صحيح.
  11. سورة البقرة، آية:222
  12. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 241، جزء 6.
  13. مجموعة من المؤلفين، الدرر البهية من الفتاوى الكويتية، صفحة 143، جزء 8. بتصرّف.
  14. عبد الله بن صالح الفوزان، منحة العلام في شرح بلوغ المرام، صفحة 375، جزء 8.