حكم بيع العطور للنساء

يعدّ بيع الطيب والعطور من الأمور المباحة في الشريعة الإسلامية، والتّطيب من الأمور التي حُبّبت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورغّب بها في عدد من الأحاديث بالنسبة للرجال، ونهى عنها كذلك في عدد من المواضع والأحوال بالنسبة للنساء، وقد تكلّم أهل العلم بناءً على ذلك في حكم بيع العطور للنساء، فذهبوا إلى أنّ الأصل في حكم بيع العطور للنساء الجواز والإباحة.[١]


إذ إنّ المرأة التي تقوم باستخدام العطر خارج منزلها؛ للفتْ الأنظار إليها، أو ليشتمّ الرجال رائحتها؛ إنّما يقع إثمها على نفسها، لا على البائع الذي باعها هذا العطر، إذ لا يُحرّم بيع ما أحلّ الله -تعالى- بيعه لسوء استخدامه من قبل صاحبه؛[٢] وقد استدلوا بعدد من الآيات القرآنية التي تؤكد على هذا المعنى؛ منها قوله -تعالى-: (... وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى...)،[٣] وقوله -تعالى-: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ).[٤][١]


ولكنّ بعض أهل العلم قالوا إنّ بيع العطر للنساء اللواتي يغلب الظنّ عليهنّ استخدامه خارج البيت، أو للتزين المنهي عنه لغير المحارم؛ غير جائز، لكونه تعاوناً على الإثم والمعصية، والله -تعالى- نهى عن ذلك في كتابه العزيز؛ فقال -سبحانه-: (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ...).[٥][٦]


حكم بيع العطور الكحولية

عدّ جمعٌ من أهل العلم العطور التي تحتوي الكحول غير المُسْكِرة مما يجوز بيعه واستخدامه، أمّا إذا كانت مما يُسْكِر وغلب عليها ذلك؛ فهي نجسة تشابه الخمر، ولا يجوز بيعها أو شراؤها، كما لا يجوز استخدامها والصلاة فيها، وإن لم يُعلم نوع الكحول فيها -إن كام مُسْكِراً أم لا-؛ كان الأولى اجتنابها على رأي بعض أهل العلم.[٧]


حكم استخدام الرجال لعطور النساء والعكس

فرّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بين عطور النساء والرجال على نحوٍ واضح، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (طِيبُ الرِّجالِ ما ظهَرَ رِيحُه وخَفِيَ لونُه، وطِيبُ النِّساءِ ما ظهَرَ لونُه وخَفِيَ رِيحُه)،[٨] أمّا في زماننا هذا فقد تميّزت عطور النساء عن عطور الرجال برائحتها، وبطيبها، حتى يُكاد تمييزها من مسافة بعيدة، وقد درج عند بعض الناس أن يستخدم الرجال عطور النساء، وأن تستخدم النساء عطور الرجال؛ وقد أجاز أهل العلم ذلك، وقالوا لا حرج في استخدام الرجال لعطور النساء.[٩]


ولا يُعدّ هذا من قبيل التشبه بهنّ إذا لم يُقصد ذلك حقيقةً؛ وذلك استدلالاً بقوله -صلى الله عليه وسلم- في سنن الجمعة: (الغُسلُ يومَ الجمعةِ واجبٌ على كُلِّ مُحتلِمٍ، والسِّواكُ، ويَمَسُّ من الطِّيبِ ما قَدَرَ عليه، ولوْ من طيبِ المرأةِ)،[١٠] أمّا بالنسبة لاستخدام المرأة لعطر الرجال داخل بيتها، وأمام محارمها فجائز لا حرج فيه، بشرط أن لا يكون القصد من ذلك التشبّه بالرجال، وإن كان الأفضل أن تتخذ المرأة لنفسها طيباً، ويتخذ الرجل لنفسه طيباً؛ وأن يتجنب كلٌ منهما استخدام طيب الآخر.[٩]

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1463، جزء 20. بتصرّف.
  2. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 18، جزء 351. بتصرّف.
  3. سورة الأنعام، آية:164
  4. سورة المدثر، آية:38
  5. سورة المائدة، آية:2
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 500، جزء 8. بتصرّف.
  7. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان، "العطور التي يدخل في تركيبها كحول"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/2/2023. بتصرّف.
  8. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2787 ، حسن.
  9. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 416، جزء 14. بتصرّف.
  10. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:344، صححه الألباني.