حكم تزجيج الحواجب
عرّف الخطابي تزجيج الحواحب في شرح صحيح البخاري فقال: "هو حذف زوائد الشَّعر، ولَقْط النواجم منه الخارجة عن حَدّ منبَتها"،[١] وقد تعدّدت آراء أهل العلم في حكم تزجيج الحاجبين وكونه داخلاً في النمص المحرّم أم لا، وبيان آرائهم فيما يأتي:
القول الأول: الجواز بضوابط
يرى بعض أهل العلم جواز إزالة الشعر الزائد عن الحاجبين، وخاصّة إذا كان ذلك بأمرٍ من الزوج، إذْ لم يرد فيه نهيٌ خاص، وقالوا إنّ حذف زوائد الشعر لا يدخل ضمن النمص المحرّم، سواءً كان هذا الشعر فوق الحاجب أو أسفله أو بين الحاجبين،[٢] فيجوز التخفيف من الحاجبين الكثيفين أو العريضين بإزالة الزوائد منهما عند الحاجة بشرط عدم المبالغة في ذلك أو قصد التدليس، أمّا التخفيف الفاحش والشديد فهو محرّم.[٣]
ويجوز إزالة الشعر الزائد الذي يؤذي العين ويضرّ بها، أو الشعر الخارج عن الحد المألوف بين الناس، بحيث يُلفت أنظارهم ويُسبّب الحرج لصاحبه، فالأخذ من الحاجبين في هذه الحالة يخرج من النّمص المحرّم، لأنّه يُصبح من باب دفع الضرر وإعادة الحاجب إلى وضعه الطبيعي.[٤]
ويرى ابن عثيمين -رحمه الله- جواز دفع هذا الأذى على أن تكون الوسيلة بالحفّ بالمقص أو الموس ونحوه لا بالنتف، لأنّ النتف من النمص، فيقول: "الذي نرى أنه ينبغي للمرأة -حتى وإن قلنا بجواز أو كراهة تخفيفه بطريق القص أو الحلق- أن لا تفعل ذلك إلا إذا كان الشعر كثيراً على الحواجب، بحيث ينزل إلى العين، فيؤثر على النظر، فلا بأس بإزالة ما يؤذي منه بالمقص أو الموس أو ما أشبه ذلك لا بالنتف؛ لأن النتف نمص".[٤]
القول الثاني: الحرمة مطلقاً
عدّ بعض أهل العلم تزجيج الحواجب نوعاً من أنواع النّمص، فذهبوا إلى تحريم فعل ذلك مطلقاً، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ اللهُ الواشِماتِ والمُسْتَوْشِماتِ، والمُتَنَمِّصاتِ، والمُتَفَلِّجاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللهِ)،[٥] لأنّ التزجيج هنا يعني إزالة بعض شعر الحاجبين، والنمص يعني نتف شعر الحاجب سواءً كان نتفه كلّه أو بعضه، فهو يشمل التزجيج.[٦]
أحكام أخرى متعلّقة بتزجيج الحواجب
يُطلق مصطلح تزجيج الحواجب أحياناً على تدقيق الحاجبين وتطويلهما بالإثمد دون نتف، وهذا الأمر -أي مجرّد تطويل الحاجب بالكحل ونحوه- لا حرج فيه، ولا يعدّ من الوشم المحرّم، ولا يدخل فيه النمص.[٧]
وقدْ يطلقُ تزجيجُ الحواجبِ على مجردِ جمعِ الشعرِ وتثبيتِهِ وترتيبِهِ بدهنٍ ونحوِهِ لكيْ لا يتفرقَ أوْ يتبعثرَ، وهذا لا بأسَ بهِ أيضاً، فقدْ قالَ الدكتورُ محمد الجبل في كتابِ "المعجمِ الاشتقاقيُّ المؤصلُ": "المنطقيُّ أنْ تكونَ بدايةُ التزجيجِ هيَ دفعَ شعرِ الحاجبِ المشعثِ إلى وسطِهِ؛ حتى يدقَّ عرضُهُ، ويبدوَ طويلاً، ثمَّ استحدثوا (النتفَ) بعدُ".
حكم نتف وحفّ الحاجبين
اتّفق الفقهاء الأربعة على أنّ نتف شعر الحاجبين داخلٌ في النهي المحرّم في الحديث السابق الذي لُعنت فيه المتنمّصات، ويدخل في ذلك النساء والرجال، وتعدّدت آراؤهم في حكم الحفّ أو الحلق من الحاجبين، فذهب المالكية والشافعية إلى اعتبار النتف والحلق من النّمص المحرّم، وذهب الحنابلة إلى جواز الحلق والحفّ، وقالوا إن المنهيّ عنه هو النّتف، ويرى جمهور الفقهاء جواز التنمّص للمرأة المتزوّجة إذا كان ذلك بطلبٍ من زوجها أو بإذنه، لأنّ الزينة مطلوبة للتّحصين، أما غير المتزوّجة فيحرم عليها فعل ذلك.[٨]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ الخطابي، أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)، صفحة 1133، جزء 2.
- ↑ "حكم إزالة الشعر الزائد عن الحواجب"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 26/12/2022. بتصرّف.
- ↑ "تنظيف الحواجب للزوج"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 26/12/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب "حكم تخفيف شعر الحاجب إذا كان كثيفاً"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 26/12/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5948، صحيح.
- ↑ "تزجيج الحاجبين"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 26/12/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب "الفرق بين نمص الحاجبين وتزجيجهما"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 26/12/2022. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 81-82، جزء 14. بتصرّف.