حكم ربط الرحم لمنع الحمل

يُقصد بعملية ربط الرحم إغلاق قناتي الرحم لمنع وصول الحيوانات المنوية إلى الرّحم، وبالتالي منع حدوث الحمل؛[١] وقد تعددت أقوال العلماء في حكم هذه العملية بحسب أسبابها ودوافعها، والأمور التي تنتج عنها؛ ويمكن تفصيل ذلك على النحو الآتي:


القول بجوازها

ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى القول بجواز ربط الرحم لمنع الحمل، ضمن الضوابط الآتية:

  • رضا الزوج وعلمه بذلك.[٢]
  • التأكد من ثبوت الضرر على المرأة من حدوث الحمل؛ مع تعذّر استخدام وسائل وأساليب منع الحمل الأخرى.[٣]
  • حصول المشقة غير المعتادة عند الحمل والوضع؛ كأن تضطر المرأة لشق البطن والرحم، أو تضطر لإجراء عدّة عمليات جراحيّة لإخراج الجنين والولادة.[٤]
  • أن يتم تحديد ذلك من قبل الطبيب الثقة، وأن يتمّ كذلك إجراؤها على يد جهة موثوقة.[٥]
  • ِكبَرِ سنّ المرأة، وترتب الضرر الكبير على حصول الحمل لها.[٥]
  • أن يكون ذلك بصورة مؤقتة؛ تخفيفاً للمشقة الحاصلة بين الأحمال.[٦]
  • أن تتم هذه العملية ضمن الضوابط الشرعيّة؛ من ستر المرأة، والحفاظ على العورات المُغلّظة؛ والأفضل أن يقوم بذلك طبيبة من النساء، فإن تعذّر أجراها الطبيب الرجل.[٧]
  • أن لا يترتب على هذه العمليات ضرر أكبر من عدم الإقدام عليها.


مستدلين على ذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضررَ ولا ضِرارَ)،[٨] وبفعل الصحابة الكرام؛ فقد كانوا يعزلون -لعدم الإنجاب- والقرآن الكريم يتنزّل عليهم،[٩] ولم ينههم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك،[٢] كما أنّ القول بجواز مثل هذه الأمور ضمن الضوابط التي أشرنا إليها فيه رفعٌ للحرج، والتيسير على الناس؛ لا سيما إذا خِيف من كثرة الحمل والإنجاب.[٤]


القول بتحريمها

القول بتحريمها يكون في حال اختلّ شرط من الشروط والضوابط السابقة؛ إذ تعدّ عملية ربط الرحم بغير ضرورة مُعتبرة من قبيل من الإعقام المنهيّ عنه؛ قياساً على ما صحّ من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإخصاء؛ ففي حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنَّا نَغْزُو مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، ليسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عن ذلكَ).[١٠][١١]بالإضافة إلى أنّ بعض العلماء عدّ هذا الفعل كالوأد -القتل- المنهي عنه.[١٢]


حكم تحديد النسل

قرر مجلس هيئة كبار العلماء أنّ تحديد النسل حرام مُطلقاً -ما لم يكن لضرورة مُعتبرة-؛ خصيصاً إن كان الدافع وراء ذلك الخشية من الفقر، أو الخوف من أمور غيبيّة لا يعلمها إلا الله -تعالى-؛ كالخوف -دون مبرر- من مجيء الأطفال مشوهين، أو يحملون الأمراض والأسقام، وسبب هذا التحريم ما يأتي:[١٣]

  • أنّ النسل من النعم الكبرى التي أنعم الله -تعالى- بها على الإنسان، ومنّة عظيمة منه لا ينبغي التهاون فيها.
  • إنّ الشريعة الإسلامية دعت إلى تكثير النسل، وحثّت على الإنجاب قدر الاستطاعة؛ وأدلة ذلك في الكتاب والسنة كثيرة متعددة.
  • إنّ القول بمنع الحمل أو تحديد النسل معارض للفطرة الإنسانية، التي فطر الله -تعالى- الناس عليها.
  • إنّ دعاة تحديد النسل -دون الاعتبارات المذكورة- يقصدون بذلك الكيد للإسلام والمسلمين.
  • إنّ تحديد النسل أحد ضروب الجاهليّة التي جاء الإسلام ينهى عنها.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 39، جزء 5. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 23، جزء 179. بتصرّف.
  3. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 317، جزء 19. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 253، جزء 5. بتصرّف.
  5. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 91، جزء 12. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 9097، جزء 13. بتصرّف.
  7. سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان (20/4/2010)، "حكم عملية ربط مواسير الحمل"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2023. بتصرّف.
  8. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:1909، صححه الألباني.
  9. ابن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 199، جزء 21. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1404، صحيح.
  11. حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك، صفحة 428، جزء 4. بتصرّف.
  12. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2648، جزء 4. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الطب والمرضى، صفحة 309-310. بتصرّف.