ما حكم قراءة القرآن بدون وضوء؟

حكم قراءة القرآن بدون وضوء

أجمع الفقهاء على جواز قراءة القرآن الكريم وتلاوته لمن ليس على وضوء إن لم يكن محدثاً حدثاً أكبر كالجنابة والحيض والنفساء،^[١][٢] حيث قالوا أنه يجوز لغير المتوضئ وهو المحدث حدثاً أصغراً تلاوة القرآن وقراءته سواءٌ من حفظه عن ظهر قلب، أو أن يقرأه بالنظر إلى المصحف دون أن يلمسه.^[٣][٤]

وقد استدلوا على جواز ذلك ما جاء من فعله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- فقال: (بِتُّ عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ، فَقُلتُ: لَأَنْظُرَنَّ إلى صَلَاةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَطُرِحَتْ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وِسَادَةٌ، فَنَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في طُولِهَا، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عن وجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الآيَاتِ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن آلِ عِمْرَانَ حتَّى خَتَمَ، ثُمَّ أتَى شَنًّا مُعَلَّقًا، فأخَذَهُ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي...)،^[٥] حيث يدلّ الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ الآيات العشر من سورة آل عمران بعد أن استيقظ من نومه قبل أن يتوضأ.^[٦]

إلا أن الأفضل والأكمل أن يقرأ المسلم القرآن الكريم وهو على طهارة متوضئاً؛ لأنه كلام الله -تبارك وتعالى-، لا بدّ من تعظيمه واحترامه، ومن كمال تعظيمه واحترامه أن يكون المسلم طاهراً نظيفاً عند قراءته، كما أن الوضوء والطهارة أدبٌ من آداب قراءة القرآن وفعلٌ مستحبٌ، يندب للمسلم فعله قبل البدء بالقراءة.^[٧]

ما حكم مس القرآن بدون وضوء؟

ذهب أكثر أهل العلم إلى عدم جواز مس القرآن الكريم كلّه أو بعضه لمن ليس على وضوء، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء والأئمة الأربعة وغيرهم، وهذا الذي دلّ عليه الكتاب والسنة وثبت عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، وأئمة السلف -رحمهم الله- من التابعين والمحققين.^[٨][٩]

قال الإمام ابن عبد البرّ -رحمه الله- في كتابه التمهيد: "ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام: أنَّ المصحف لا يمسّه إلّا طاهِرٌ على وضوءٍ، وهُو قول مالكٍ، والشّافِعيِّ، وأبي حنيفة، والثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاقَ بنِ راهوية، وأبي ثورٍ، وأبي عُبيدٍ، وهؤُلاءِ أئمّةُ افِقه والحديث في أعصارهِم، وروِي ذلك عن سعدِ بن أبي وقّاصٍ، وعبد اللَّه بن عمر، وطاوُوسٍ، والحَسَن، والشَّعبيِّ، والقاسم بن محمدٍ، وعطاءٍ".^[١٠]

وقد استدلوا على ذلك بقوله -تعالى-: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)،^[١١] وإن كان أكثر المفسرين قد فسّروها أن المقصود بالمطهرين الملائكة، إلا أن هذا شأن مس القرآن ألا يمسّه إلا طاهر، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَمَسُّ القُرآنَ إلَّا طاهِرٌ)،^[١٢][١٣] وأجاز الفقهاء للصبي لمس المصحف بقصد التعلّم؛ لأنه غير مكلف، ودفعاً للحرج والمشقة، مع أن الأفضل أن يكون متوضئاً.^[١٤]

ما حكم قراءة القرآن ومسّه من الجوال بدون وضوء؟

أجاز أهل العلم قراءة القرآن الكريم من الجوال لمن ليس على وضوء، وكذلك لمسه، لأن المصحف الإلكتروني الموجود على الجوال، لا يقاس على المصحف الورقي، ولا يأخذ حكمه، والنهي الوارد في منع المحدث من لمس القرآن الكريم إذا كان مكتوباً على الورق، لأن حروف القرآن الكريم الموجودة على الجوال هي عبارة عن ذبذبات تتكون منها الحروف بصورتها، وتزول عند الانتقال في الشاشة إلى صورة أخرى، فلم تُكبت كما كُتبت على المصحف الورقي، فيختلف وجودها على الجوال عن وجودها في الورق، فلا تشترط الطهارة عند لمس الجوال.^[١٥]

مواضيع أخرى:

ما حكم وضع أشياء على المصحف؟

ما حكم الطهارة؟