حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة

تعدّدت آراء الفقهاء في حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة بنيَّةٍ واحدة، ونبيّن أقوالهم فيما يأتي:


القول الأول: عدم جواز الجمع بينهما

ذهب المالكية والشافعية إلى عدم جواز الجمع بين الأضحية والعقيقة، فمَن ضحّى بنية العقيقة لم تُجزِئ أضحيته، لأنّ كلَّاً من الأضحية والعقيقة عبادة مقصودة لذاتها، وللأضحية سببٌ يختلف عن سبب العقيقة، فلا تقوم واحدةٌ منهما عن غيرها، فالأضحية تُذبح في عيد الأضحى تقرُّباً إلى الله، والعقيقة تُذبح عن المولود شكراً على هذه النعمة،[١] ويدلّ على كون هاتين العبادتين كلّ واحدةٍ منهما مقصودة لذاتها:[٢]

  • قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الأضحية: (مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى).[٣]
  • قوله -صلى الله عليه وسلم- عن العقيقة: (كلُّ غلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِهِ تُذبَحُ عنهُ يومَ سابعِهِ).[٤]


لِذا فقد جاء في فتاوى دائرة الإفتاء الأردنية: "لا يجوز الجمع بين نية الأضحية والعقيقة؛ لأن لكل واحدة منهما سبب مختلف عن الآخر"،[٥] وقال بعض أهل العلم أيضاً إنّ السنّة المقيّدة بسببٍ لا يصحّ جمعها مع سنَّةٍ مقيَّدةٍ أخرى، مثل دم الفدية ودم المتعة؛ فكلاهما لا يُغني عن الآخر، وإراقة دمٍ واحد لا يقوم مقام إراقتين.[٦]


القول الثاني: جواز الجمع بينهما

ذهب الحنفية إلى جواز الجمع بين العقيقة والأضحية بنيَّةٍ واحدة، وقالوا إنّ الأضحية تُجزئ عن العقيقة، لأنّ المقصود من كلِّ واحدةٍ منها التقرّب إلى الله -عز وجل-، فدخلت إحداهما في الثانية، ومن الأمثلة على ذلك أيضاً تحية المسجد، فهي تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل إلى المسجد، وقد أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن أنّه قال: "إذَا ضَحُّوا عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ الْعَقِيقَةِ".[١]


الأحوط عدم الجمع بينهما

يرى العديد من أهل العلم أنّ الأحوط ذبح الأضحية بنية الأضحية فقط، وكذلك العقيقة؛ خروجاً من الخلاف في هذه المسألة، وخاصَّةً لمن كانت لديه المقدرة المالية على ذلك،[٧] وقد سأل بعض الأشخاص أحد العلماء عن حكم جمعه بين العقيقة عن ولده وبين الأضحية إذا كانت الأضحية جاموساً، فنصحه العالِم بأن يذبح ثلاثة خِرافٍ من الضأن بدل الجاموس، بشرط أن لا يقلّ عمر الواحد منهم عن ستّة أشهر، فيذبح اثنين عن ولده، وواحداً بنية الأضحية، فيأخذ بالأحوط، وفي نفس الوقت يكون قد فعل الأخف من حيث التكلفة والله أعلم.[٨]


حكم الجمع بين النذر والأضحية

مَن نذَر أن يذبح شاةً أو نحوها من بهيمة الأنعام وأراد أن يذبح الأضحية بنيّة واحدة؛ أي بنيّة النّذر والأضحية معاً؛ فلا يصحّ منه ذلك، لأنّ كلَّاً من النّذر والأضحية عبادة مستقلة، وإحداهما واجبة وهي النّذر، والأخرى سنّة وهي الأضحية، كما أنّ النّذر لا يجوز الأكل منه إلا إذا اشترط النّاذر ذلك في نذره، أمّا الأضحية فيجوز الأكل منها، لِذلك لا يصحّ الجمع بينهما، ولا تقوم إحداهما مقام الأخرى.[٩]



مواضيع أخرى:

ما حكم الأضحية في عيد الأضحى؟

ما حكم العقيقة؟

المراجع

  1. ^ أ ب "حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2022. بتصرّف.
  2. محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 16، جزء 392.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جندب بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:5500، صحيح.
  4. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:2838، صححه الألباني.
  5. "الذبائح والأضاحي والعقيقة والصيد"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2022.
  6. خبَّاب الحمد، "حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2022. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 15756، جزء 13. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 15866، جزء 13. بتصرّف.
  9. أسامة سليمان، دروس الشيخ أسامة سليمان، صفحة 21، جزء 4. بتصرّف.