حكم المسح على الحذاء الذي لا يغطي الكعبين

ينبني حكم المسح على الحذاء الذي لا يُغطّي الكعبين على كوْن الكعب مكشوفاً أم لا، فقد يلبس المرء أسفل حذائه جورباً يُغطّي كعبيه، فهل يجوز المسح على الحذاء في هذه الحالة؟ وما الكيفية الصحيحة لذلك؟ وهل هناك أحكام متعلِّقة بهذه الكيفية؟ وإن كان الكعبان ظاهرين هل يصحّ المسح على الحذاء؟ وتوضيح الجواب على هذه الأسئلة فيما يأتي:


إذا كان الكعب مكشوفاً

اشترط جمهور العلماء أن يُغطّي الحذاء الكعبين لجواز المسح عليه، قياساً على الخفّ، أمّا ما فوق الكعبين فلا يلزم أن يكون مُغطّى، ويرى الشافعية والحنابلة عدم صحّة المسح على الخفّ -ويُقاس عليه الحذاء- إذا كان ستره للكعبين ناقصاً ولو كان ذلك بمقدارٍ قليلٍ جداً، بل لا يصحّ المسح عليه إذا كان فيه خروق تظهر بسببها بعض القدم، فكما كان غسل القدمين إلى الكعبين كلّها شرطاً في الوضوء فكذا الخفّ نحوه كالحذاء.[١]


أمّا الحنفية والمالكية فقالوا: إنْ كان في الخفّ ونحوه ممّا يجوز المسح عليه بعض الخروق التي تُظهر شيئاً من القدم فهذا ينقص في الستر، ولكن لا يُبطل المسح إلا إذا جاوز الحدّ المسموح، وقدّر الحنفية مقدار جواز ذلك بثلاثة أصابع من أصغر أصابع القدم للخفّ الواحد، فإن كان المقدار المكشوف بسبب الخروق أكثر من ذلك لم يصحّ المسح عليه، أمّا المالكية فقدّروا ذلك بثلث القدم، فإن ظهر قدر الثلث أو أكثر فلا يصحّ المسح عليه.[١]


وذهب بعض أهل العلم من المتأخّرين إلى عدم اشتراط كَوْن الخفّ -أو ما يقوم مقامه- ساتراً لجميع المحلّ المفروض غسله في الوضوء، ومنهم ابن تيمية وابن عثيمين -رحمهما الله-، لأنّ الأدلّة والنصوص التي دلّت على مشروعية المسح جاءت مطلقة، فتبقى على إطلاقها، ولأنّ الكثير من الصحابة كانوا فقراء، ولا تخلو خفافهم من النقص أو الخروق، ولم يثبت أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نبّههم على ذلك.[٢]


إذا كان الكعب مُغطّى بالجوارب

مَن لبس الحذاء القصير الذي لا يُغطّي الكعبين فوق الجوربين الساتريْن للكعبين جاز له أن يمسح على حذائه مع الجوربين معاً، ولكن إن مسح عليهما معاً صار الحكم متعلِّقا بهما، أمّا المسح على الحذاء وحده لا يُجزئ ولا يصحّ، ويجوز له في حالةٍ أخرى أيضاً أن يخلع حذاءه ويمسح على جوربيه ابتداءً إذا توفّرت فيهما شروط جواز المسح، فيصير كلّما توضّأ خلع الحذاء ومسح على جوربيه.[٣]


شروط جواز المسح على الحذاء

تُقاس شروط جواز المسح على الحذاء على شروط جواز المسح على الخفّين، وهناك عدّة شروط متّفق عليها وأخرى مختلفٌ فيها، ونذكرها فيما يأتي:[٤]

  • الشروط المتّفق عليه
  • أن يكون لبس الخفّ أو ما يقوم مقامه على طهارة كاملة.
  • أن يكون مستمسكاً بالقدم.
  • أن يكون الخفّ أو الحذاء طاهراً.


  • الشروط المختلف فيها
  • أن يكون الخفّ أو ما يقوم مقامه ساتراً لجميع المحل المفروض غسله في الوضوء، وقد سبق بيان أحكامه.
  • أن يكون مباحاً، فلا يكون مسروقاً أو مأخوذاً بالغصب، ومَن قال بجواز المسح عليه لم ينفِ وقوع الإثم عن صاحبه.

المراجع

  1. ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 127، جزء 1. بتصرّف.
  2. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 89، جزء 1. بتصرّف.
  3. "أحكام المسح على الحذاء"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7/6/2023. بتصرّف.
  4. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 87-90، جزء 1. بتصرّف.