حكم مسك المصحف بدون وضوء

لا يجوز مسّ المصحف بدون وضوء، وهو قول الفقهاء الأربعة وأكثر العلماء، ونبيّن بعض أقوال الفقهاء الأربعة فيما يتعلّق بمسّ المصحف للمحدث حدثاً أصغر فيما يأتي:[١]

  • الحنفية

قالوا بتحريم مسّ المصحف بعضه أو كلّه بدون وضوء، وكذا مسّ المكتوب منه ولو كان على قطعة نقود، ولا يجوز مسّ الغلاف المتّصل بالقرآن، لأنّه تابعٌ له، أما الغلاف المنفصل عن القرآن فيجوز مسّه، وأجاز الحنفية مسّ المصحف بحائل العود أو القلم لتقليب صفحاته، أما لمسه بالكمّ فيُكره كراهة تحريم، لأنّ الكم تبعٌ لِلابسِهِ.


  • المالكية

قالوا بحرمة مسّ المصحف بغير وضوء، سواءً كلّه أو جزءٍ منه، بل قالوا بحرمة مسّه بالحائل أو العود، ولا يجوز حمله حتى لو بوسادة أو علاقة ونحوه، ولا يجوز كتابته، أمّا المعلّم والمتعلّم البالغ فيجوز له لمس المصحف، حتى ولو كانت المعلّمة أو المتعلمة حائضاً أو نفساء؛ لعدم القدرة على إزالة المانع في هذه الحالة، أما الجنب فلا يجوز له لمسه في هذه الحالة، لقدرته على إزالة المانع مباشرة.


  • الشافعية

قالوا بحرمة مس المصحف وحمله ومسّ ورقه وحواشيه بغير وضوء، ولو كان ذلك بحائلٍ أو خرقة، ولكن يجوز تقليب ورقه بعود، ويجوز للصبي المميز مسّه للتعلم والدراسة.


  • الحنابلة

قالوا بتحريم مسّ المصحف بغير وضوء ولو آية واحدة منه، ولكن يجوز مسّه بحائل أو عود، ويجوز حمله بوعاء أو علاقة، ولا يجوز للوليّ أن يُمكّن صبيّه من مسّ المصحف بغير وضوء حتى ولو كان ذلك للدراسة والتعلم، فتحريم مسّ المصحف بغير وضوء يشمل الصبيّ عندهم.


حكم قراءة القرآن للمحدث حدثاً أصغر

اتّفق الفقهاء على جواز قراءة القرآن دون مسّه للمحدث حدثاً أصغر، ويجوز كذلك النظر إلى المصحف والقراءة منه دون لمسه،[١] ولكنّ الأفضل أن يكون المسلم على طهارة عند قراءة القرآن، ويُستثنى الجنب من هذا الحكم، ويدلّ على مشروعية قراءة القرآن بدون مسّه حديث عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ)،[٢] وتدخل قراءة القرآن في ذلك.[٣]


وقد كان ابن عبّاس نائماً ذات يوم عند خالته ميمونة -رضي الله عنها- زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فرأى النبيّ قد استيقظ ومسح النّوم عن وجهه، وأخذ يقرأ بخواتيم سورة آل عمران، ثمّ قام وتوضّأ، فعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عن وجْهِهِ بيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِن سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ منها فأحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي).[٤][٥]


حكم قراءة القرآن من الهاتف مع إمساكه دون وضوء

تجوز قراءة القرآن الكريم من الهاتف ونحوه من الوسائل الإلكترونية بدون وضوء لغير الجُنُب، لأنّ هذه الجوالات لا تأخذ حكم المصحف، فالكتابة فيها أو الصور عبارة عن ذبذبات، وهي غير ثابتة، ويشتمل الهاتف على برنامج المصحف وعلى غيره، ويزول ذلك بالانتقال إلى تطبيق آخر، لِذا جاز قراءة القرآن منه وإمساكه بدون وضوء، مع أفضلية الوضوء واستحبابه عند القراءة عموماً، ولعلّ في ذلك تيسيراً على الحائض عند مَن أجاز لها مجرّد القراءة، وعلى مَن كان في مكانٍ يشقّ عليه الوضوء فيه.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 450-453، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:373، صحيح.
  3. مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 26، جزء 78. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:183، صحيح.
  5. "شرح حديث قراءة النبي للعشر الخواتيم من آل عمران"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2/1/2023. بتصرّف.
  6. محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 53، جزء 5. بتصرّف.