أحكام النفاس

أحكام النفاس

إنّ معظم أحكام النّفاس تتطابق مع أحكام الحيض، فما يحرم على المرأة الحائض يحرم كذلك على النفساء،^[١] وسيتمّ توضيح أبرز أحكام النّفاس فيما يأتي:

تحريم الصلاة على النفساء

تحرّم الصلاة على المرأة النفساء، فلا يجوز لها أن تُصلّي، إذْ أسقط الله -سبحانه- عنها الصلاة، ولا تقضيها بعد طهارتها، فإذا انقطع عنها الدم ورأت علامة الطهر فقد انتهى نفاسها، فحينئذٍ يجب عليها أن تغتسل وتُصلّي، حتى وإن كان ذلك قبل مرور أربعين يوماً.^[٢]

تحريم الصوم على النفساء

لا يجوز للنفساء أن تصوم، وإن صامت لا ينعقد صيامها، ويجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها في شهر رمضان، خلافاً للصلاة فلم يوجب الله -تعالى- عليها قضاءها دفعاً للمشقة عنها، لأنّ الصلاة تتكرّر في اليوم خمس مرات، أما صوم رمضان فهو واجبٌ في شهرٍ واحدٍ في السنة.^[٣]

ويدلّ على ذلك سؤال امرأةٍ لأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة"؟ فقالت عائشة -رضي الله عنها-: (كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة).^[٤]

تحريم وطء الزوجة النفساء

لا يحلّ للزوج أن يطأ زوجته النفساء إلا بعد أن تطهر، فوطء المرأة الحائض أو النفساء محرَّمٌ بنص القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع المسلمين، قال الله -تبارك وتعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).^[٥][٣]

أحكام أخرى تتعلّق بالنفاس

من الأحكام الأخرى التي تتعلّق بالنفاس ما يأتي:

• حكم قراءة القرآن ومسّ المصحف للنفساء

يحرم على المرأة النّفاس أن تمسّ المصحف مثلما يحرم ذلك على الجنب والحائض،^[١] أما قراءة القرآن الكريم دون مسّه فقد أجازه من الفقهاء المالكية خلافاً لجمهور الفقهاء.^[٦]

• حكم المكوث في المسجد للنفساء

اتّفق الفقهاء الأربعة على تحريم مكوث الحائض والنفساء في المسجد، قياساً على قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)،^[٧] أمّا مجرّد المرور من المسجد فهو جائزٌ إن أمِنت النفساء عدم تلويث المكان.^[٨]

• حكم الحج والعمرة للنفساء

يجوز للمرأة النفساء أن تُحرم بالعمرة أو الحجّ، وتفعل ما يفعله المعتمر أو الحاج إلا أنّها لا تطوف بالبيت، بل تنتظر حتى تطهر ثمّ تؤدّي الطواف.^[٩]

• حكم طلاق النفساء

الطلاق السُنّي هو الطلاق الذي يوقعه الرجل على امرأته في طهرٍ لم يجامعها فيه، أمّا تطليقها في حيضٍ أو نفاس فهو طلاقٌ بدعيٌّ، ويأثم عليه الزوج، ويرى جمهور الفقهاء أنّ الطلاق في النّفاس يقع وتترتّب عليه الأحكام، وقال بعض أهل العلم بعدم وقوع الطلاق البدعي لأنّه محرّم.^[١٠]

أقل مدة النفاس وأكثرها

النفاس هو الدم الذي يخرج من المرأة بسبب الولادة، ويأخذ حكم الحيض؛ لأنّه دم حيضٍ متجمِّع ومحبوس بسبب الحمل،^[١١] ولا يوجد مدّة محدّدة لأقلّ فترة النفاس، فقد تطهر المرأة منه في يومٍ أو أقل، فإذا رأت علامة الطهارة وانقطع عنها الدم وجب عليها الاغتسال والصلاة.^[١٢]

وقد تعدّدت آراء الفقهاء في أكثر مدّة النّفاس، فذهب الإمامان مالك والشافعي إلى القول بأنّ أكثر مدة النفاس ستّون يوماً، أمّا ما بعد ذلك فيكون دم استحاضة، بينما ذهب الإمامان أبو حنيفة وأحمد إلى القول بأنّ أكثر مدّة النّفاس أربعون يوماً.^[١٢]