حكم بيع الخمر للمسلم

بيع الخمر حرامٌ في الشّرع بالإجماع، وقد قال القرطبي: "أجمع المسلمون على تحريم بيع الخمر"، وقال ابن مفلح: "بيع الخمر وشراؤه باطل إجماعًا"،[١] وعلّة تحريم بيعه هي عدم وجود منفعة مباحة مقصودة فيه، بل يُقصد منه عادةً الإسكار، وهذه المنفعة مُحرّمة في الشرع، لِذا يُعدّ البائع لها آكِلاً أموال النّاس بغير حق، ويرى بعض أهل العلم أنّ الخمر مادّة نجسة أيضاً، فهذه علَّةٌ أخرى لتحريم بيعه.[٢]


ومن الأدلّة الشرعية التي تدلّ على تحريم بيع الخمر ما يأتي:[٢]

  • عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ عَامَ الفَتْحِ: وهو بمَكَّةَ إنَّ اللَّهَ ورَسوله حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ).[٣]
  • عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ البَقَرَةِ عن آخِرِهَا، خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ في الخَمْرِ).[٤]
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ الخَمْرَ، فمَن أَدْرَكَتْهُ هذِه الآيَةُ وَعِنْدَهُ منها شَيءٌ، فلا يَشْرَبْ، وَلَا يَبِعْ).[٥]


حكم بيع الخمر لغير المسلم

لا يجوز بيع الخمر لأحدٍ مسلماً كان أم غير مسلمٍ،[٦] فالأحاديث التي تُحرِّم بيع الخمر عامّة لا استثناء فيها لغير المسلم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لعن اللهُ الخمرَ، وشاربَها، وساقِيها، وبائِعَها، ومبتاعَها، وعاصِرَها، ومعتصِرَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه)،[٧] كما أنّ بيع الخمر لغير المسلمين فيه تعاونٌ على الإثم والعداون، والله -سبحانه- يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).[٨][٩]


حكم توكيل المسلم للكافر ببيع الخمر

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبان من الحنفية إلى عدم صحّة توكيل المسلم لغير المسلم الذِّمّي في بيع الخمر وشرائه، والسبب في ذلك أنّه يُشترط لصحة الوكالة أن يكون للمُوَكِّل قدرةً على التصرّف فيما يوكِلُ به غيره، والمسلم في الحقيقة لا يملك التصرّف في بيع وشراء الخمر، فلم يصحّ منه التوكيل في ذلك، إذْ إنّ فاقد الشيء لا يعطيه.[١٠]


حكم العمل في شركة بها قسم لبيع الخمور

إذا كان هناك شركة لها العديد من الأقسام، ومن ضمنها قسم يُباع فيه الخمر فلا يجوز العمل في هذا القسم تحديداً، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون)،[١١][١٢] ويجوز العمل في غيره من الأقسام التي لا تتضمّن أمور محرّمة شرعاً، ويُشترط ألا يكون في العمل إعانة أو دلالة عليها بأيّ شكلٍ من الأشكال.[١٣]


كما يُشترط عدم تواجد الخمر في ذلك القسم الذي يعمل فيه المسلم، لأنّه منكر يتطلّب إنكاره، لقول النبيّ الكريم: (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ)،[١٤] وأدنى درجات الإنكار كما بيّن الحديث هو الإنكار بالقلب، وهذا لا يتمّ إلا بمفارقة المنكر، والابتعاد عن محلّه.[١٣]



مواضيع أخرى:

ما حكم بائع السجائر؟

ما حكم عظم الخنزير؟

المراجع

  1. دبيان الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 433، جزء 3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب علي الرملي، فضل رب البرية في شرح الدرر البهية، صفحة 366. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:4296، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2226، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1578، صحيح.
  6. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 21، جزء 397. بتصرّف.
  7. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3674، صححه الألباني.
  8. سورة المائدة، آية:2
  9. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 2677، جزء 11. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 23، جزء 45. بتصرّف.
  11. سورة المائدة، آية:90
  12. "حكم العمل في شركة تقوم بفحص الأغذية ومن ضمنها الخمور"، دار الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 23/1/2023. بتصرّف.
  13. ^ أ ب "حكم التسويق أو العمل في شركة بها قسم لبيع الخمور"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/1/2023. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:49، صحيح.